نص المشاركة : في ذكرى شهادة فاطمة الزهراء عليها السلام
الاستاذ الدكتور موفق عبدالعزيز الحسناوي
هيئة التعليم التقني – المعهد التقني في الناصرية – جمهورية العراق
Mowaffaq1963@yahoo.com الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين واصحابه الغر الميامين .
نستذكر في هذه الايام ذكرى استشهاد سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام . وكان لابد لنا ونحن نعيش اجواء هذه الشهادة الطاهرة ان نستذكرها و نستلهم من وحيها القيم والمعاني والدلالات التي اصبحت نبراسا ونورا تهتدي به الاجيال على مر العصور.
لقد اجتمعت في الزهراء عليها السلام صفات لم ولن توجد في غيرها على مدى التاريخ ، فأصبحت بحق سيدة نساء العالمين وحاملة لواء المرأة المسلمة الصالحة الحقيقية الى جنان الخلد ورضا الباري سبحانه وتعالى .
ونتيجة لهذه الصفات المميزة تربعت في قلب الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم واصبحت قطب الرحى في حياته حيث قال \" فاطمة بضعة مني من ارضاها فقد ارضاني ومن اغضبها فقد اغضبني \" . فكانت بحق اغلى واثمن هدية وهبها الخالق العظيم لهذا الرسول الكريم .
لقد شعرت الزهراء البتول عليها السلام بأنها مسؤولة على ان تكون ذو اهمية كبيرة في حياة ابيها لتعوضه عن الام والزوجة والبنت والخلف الصالح لذلك قيل انها ام ابيها . فقد رافقت المصاعب التي واجهت الدعوة الاسلامية ، فأصبحت مع زوجها امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام خير سند ومعين لحامل الرسالة السماوية . حيث كان الرسول الاعظم لايشعر بالراحة والسعادة والاطمئنان الا معهما ووهبت له ابنيه سيدا شباب اهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام .
لم يمنعها صغر سنها من مشاركتها لابيها في معظم مشكلاته وهمومه وآلامه في سبيل نشر الدعوة الاسلامية ومباديء الدين الاسلامي الحنيف مهما كبرت تلك المشكلات وتعددت الالام العظيمة نتيجة ذلك . حيث لم تهن وتضعف اوتتراجع اوتشعر بلحظة تردد واحدة بأتجاه قيادة المرأة المسلمة المؤمنة الرسالية الحقيقية نحو طريق الهداية ورضا الله عز وجل .
ان الزهراء عليها السلام كانت ابنة اعظم رجل عرفه التاريخ على مر العصور وأحب الناس اليه وقد اندمجت بأفكار الاسلام وتعاليمة ومبادئه روحيا وفكريا حتى باتت هي والاسلام سواء .
لقد كانت سيدة نساء العالمين عليها السلام مثال المرأة المسلمة المؤمنة الزاهدة في الحياة والمترفعة عن الامور الدنيوية الضيقة والمتجهة بروحها الى افق الكمال والعصمة وسماء الفضيلة .
ان الاسلام هو نور لجميع القلوب وهادي لجميع البشرية ، وبما ان الزهراء وهي الحورية الانسية قد انصهرت بمباديء الاسلام وافكاره العظيمة ومعانيه السامية النبيلة لذلك فقد استغنت عن كل ماتحتاج اليه النفوس اللاهثة وراء حياة فانية قصيرة الامد ، لتسمو الى ماهو روحي وسماوي ونوراني يستمد هذا النور من نور صاحب الجلالة ومن صفات هادي البشرية الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم .
لقد مثلت فاطمة وابيها وبعلها وبنيها خماسيا ملائكيا نورانيا روحانيا استند عليه الاسلام والمسلمون الحقيقيون اصحاب المباديء والقيم التي لاتغيرها الاطماع الدنيوية ومغريات السلاطين والامراء ، واصبحو ا شعلة وهاجة في طريق الاسلام والمسلمين .
وجاء اقتران فاطمة البتول بسيف الاسلام عليا لتكون سندا لجهاده ومؤازرة له في معظم الاهوال التي تعرض لها . وامتدت هذه المؤازرة من خلال انجابها لسيدي شباب اهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام لتستمر مسيرة الدفاع عن الدين الاسلامي الحنيف بوجه الطغاة والمتكبرين ومحرفوا الاسلام عن طريقه الصحيح ، ليكون الحسين رمزا لكل الثائرين على مدى العصور وصرخة مدوية مستمرة في وجه الطغاة والجبابرة .
لقد اراد الله سبحانه وتعالى لهذا الدين الذي بدأ برجل واحد هو الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والذي استند على مؤازرة ام فاطمة خديجة الكبرى وبشجاعة زوج فاطمة المجاهد الكبير علي بن ابي طالب عليه السلام الذي نشر الاسلام في اصقاع الجزيرة العربية وبقاع العالم الاخرى ، ان يستمر بوجود الحسن والحسين الذي استطاع الابقاء من خلال ثورته الكبرى ونهضته العظيمة على مباديء هذا الدين الحقيقية الى ان يظهر حفيد الزهراء الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف ليملأ الارض عدلا ونورا بعد ان تملأ ظلما وجورا .
اننا عندما نستذكر شهادة الزهراء البتول عليها السلام نأمل ان تكون هذه المناسبة وقفة تأمل لنسائنا وفتياتنا العزيزات لكي يستلهمن المعاني والعبر والدروس الكثيرة من حياة هذه المرأة المجاهدة الكبيرة ، نريدهن ان يتخلقن باخلاق الزهراء وصفاتها ، وان يلتزمن بأوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه ، وان يبتعدن عن كل مايسء الى سمعة المرأة المسلمة المؤمنة الرسالية الحقيقية ، نريدهن دعاة عاملات حقيقيات لمباديء الزهراء عليها السلام ، وان يربين ابنائهن التربية الاسلامية الصالحة التي تجعلهم عناصر نافعة مؤمنة في هذا المجتمع كما كانت الزهراء تغرس مباديء الايمان والهداية لدى الحسن والحسين عليهما السلام ، عليهن ان يتسمن بالحياء والحشمة والوقار ، وان يبتعدن عن عن المظاهر الزائفة التي اراد اعداء الاسلام تصديرها الينا لنبقى بعيدا عن مسايرة التطور العلمي والتكنولوجي الذي ينفع البشرية ويعود عليها بالرخاء .
اننا نريد الحضارة الحقيقية والتطور العلمي النافع للبشرية ولنا ، وليس المظاهر والقشور الزائفة . فالاسلام دين وحياة وليس دين مظاهر وشعارات . ولتكن فتياتنا مثل فاطمة الزهراء عليها السلام مؤمنات عفيفات صابرات مجاهدات لاحياء اخلاقيات البتول ومبادئها .
فسلام عليك ايتها الزهراء يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حية في جنان الخلد مع ابيها وبعلها وبنيها عليهم السلام .
اللهم اجعل الزهراء شفيعتنا في الدنيا والاخرة انك سميع مجيب .